اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
فتاوى في التوحيد
32250 مشاهدة
حكم الاستثناء في الإيمان

س24: ما حكم الاستثناء في الإيمان بقوله: أنا مؤمن إن شاء الله ؟
الجواب: في ذلك خلاف، والمختار أنه يجوز إذا كان القصد الإيمان الكامل، فإن الإيمان يزيد وينقص، والناس فيه متفاوتون بحسب أعمالهم، وقد ذكر الله الإيمان الكامل في مثل قوله -تعالى- إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا .
وهذا الوصف لا يستكمله كل من دخل في الإيمان، فمن قال: أنا مؤمن حقا. وقصد أنه من المتصفين بكمال الإيمان، فقد زكى نفسه، وجزم بما لم يتحقق وجوده فيه، فإذا قال: أنا مؤمن إن شاء الله. وأراد رجاء أن يدخل في هذه الآية فهو صادق، وهكذا من استثنى وأراد عدم علمه بالعواقب، حيث إنه لا يدري ماذا يختم له عمره، وإنما الأعمال بالخواتيم.
وكذا يجوز أن يستثني للتبرك ولتعليق الأمور المستقبلة بمشيئة الله -تعالى- ولا يدل ذلك على الشك والتردد، كما قال -تعالى- وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ .
وقد ذهب قوم إلى وجوب الاستثناء في الإيمان دائما تعليلا بعدم العواقب، فالأعمال بالخواتيم، ولاتصاف الإنسان غالبا بالنقص والخلل، وترك الكثير مما يجب عليه، فإن العبد لا يجزم بأنه من المتقين الأبرار أهل الجنة، وإنما يرجو ذلك برحمة الله، وقد ذكر الله الاستثناء فيما لا شك فيه، كقوله -تعالى- لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ونحو ذلك لتعلق الأمور المستقبلة بمشيئة الله -تعالى- فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا والله أعلم.